يتواصل استنطاق رموز التجمع الدستوري المنحل الواحد تلو الاخر امام قاضي التحقيق الخامس بالمحكمة الابتدائية بتونس وفي انتظار ان تكتمل قائمة العشرة الاهم ويختم قاضي التحقيق ابحاثه في شأنهم قد يتساءل البعض عن هويات هؤلاء المطلوبين وماضيهم السياسي والتهم التي تواجههم.
هم كما أشرنا رموز التجمع المنحل وقد طالب 25 محاميا بتتبعهم عدليا وفق شكاية قدموها خلال فيفري الماضي الى وكيل الجمهورية بابتدائية تونس.
ويحق لهؤلاء المحامين اثارة الدعوى بوصفهم مواطنين تونسيين معنيين بالتجاوزات المفترضة للحزب المنحل.
وتتضمن القائمة (دون ترتيب) عبد العزيز بن ضياء وعبد الوهاب عبد الله وعبد الله القلال ومحمد الغرياني وعبد الرحيم الزواري واحمد فريعة وحامد القروي ورضا شلغوم وزهير المظفر والشادلي النفاتي.فما علاقة هذه الاسماء بالسياسة عموما والتجمع المنحل خصوصا؟
وجوه قيادية
نبدأ باخر امين عام للحزب المنحل وهو محمد الغرياني ذلك التجمعي حد النخاع بدا حياته الحزبية طالبا تجمعيا وظهرت عليه بوادر القيادة فكانت انطلاقته الصاروخية التي اوصلته الى الامانة العامة.
اما عبد الله القلال فكان الأمين العام المساعد المكلف بالمالية في الحزب وقد شغل خطة رئاسة مجلس المستشارين لكن الاكثر اثارة للجدل يتعلق باشرافه خلال التسعينات على وزارة الداخلية فقد تم اتهامه بالتورط في اعمال التعذيب التي تضرر منها المعارضون وخاصة منهم الاسلاميون وقد كان قاب قوسين او ادنى من الايقاف قبل اعوام في سويسرا بسبب هذه التهم لكن تم تهريبه.
ويتمتع عبد العزيز بن ضياء بمكانة هامة جدا في نظام بن علي فقد كان مستشاره الخاص كما شغل خطة الأمانة العامة للتجمع (من 15 جوان 1996 إلى 18 نوفمبر 1999) كما كان عضوا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب.
وكان عبد الوهاب عبد الله من جهته يد بن علي الطويلة والتي يبطش بها خاصة في مجال الاعلام وقد سماه وزيرا للشؤون الخارجية في وقت من الاوقات لكن ما يهمنا اكثر انه كان عضو المكتب التنفيذي واللجنة المركزية في التجمع المنحل.
ويحتل عبد الرحيم الزواري من جهته مكانة هامة جدا في النظام السابق فمنذ السابع من نوفمبر 1987 تم تعيينه كاتب دولة لدى وزير الإنتاج الفلاحي والصناعات الغذائية ثم وزيرا للعدل ثم وزيرا للشباب والطفولة فوزيرا للشؤون الخارجية ثم وزيرا للتربية القومية ثم وزيرا للشباب والطفولة والرياضة ثم وزيرا للسياحة والصناعات التقليدية ثم وزيرا للنقل.
والزواري هو صهر ليلى الطرابلسي (زوج شقيقتها) لكن ما يعنينا اكثر
انه كان عضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي من سنة 1987 إلى سنة 2004 وفي جويلية 1988 تم تعيينه أمينا عاما لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي وأصبح عضوا في اللجنة المركزية للحزب وبعد تعيينه سفيرا بالمملكة المغربية عاد في 18 نوفمبر 1999 من جديد أمينا عاما للتجمع.
اما الوجه السياسي والرياضي المعروف حامد القروي فقد ترأس النجم الرياضي الساحلي سابقا والوزارة الاولى قبل تسليمها الى محمد الغنوشي كما كان كاتبا عاما للتجمع (من 9 أكتوبر 1999 إلى 5 سبتمبر 2008) وعضوا في المكتب السياسي واللجنة المركزية.
ونمر الى الشاذلي النفاتي الذي تقلب بين عدة مناصب كالوزارات والسفارات فقد كان الأمين العام السابق للتجمع (من 20 أوت 1991 إلى 13 جوان 1996) اما البقية فهم رضا شلغوم وزير المالية السابق وعضو المكتب السياسي واللجنة المركزية للتجمع. وزهير المظفر الأمين العام المساعد بالتجمع والوزير المكلف بالوظيفة العمومية في النظام السابق. وكمال مرجان وزير الخارجية السابق وعضو المكتب السياسي واللجنة المركزية للتجمع والطامح حاليا الى الانخراط في المنظومتين الحزبية والسياسية من خلال تأسيس حزب جديد.
تهمهم
اشرنا سابقا الى ان اثارة الدعوى تكفل بها 25 محاميا والمتأمل في هذه الدعوى يلاحظ انها انبنت على تجاوزات الحزب الحاكم سابقا بدعوى انه استولى على عشرات المليارات من المال العام لينتفع بها الحزب وأعضاؤه. أي ان هناك تصرف دون وجه حق (حسب الدعوى) في أموال عمومية ومنقولات وعقارات المجموعة الوطنية ومعداتها.
واضاف المحامون اصحاب الدعوى ان الحزب المنحل اتاح لحوالي ثلاثة آلاف إطار (موظف) التفرّغ للعمل لصالح الحزب المذكور مقابل تمتيعهم بمرتباتهم وكل الامتيازات الوظيفية وهو ما يشكل حسب المحامين استيلاء على اموال عمومية.
هذا كله يعني ان التهم انحصرت في المسائل المالية دون غيرها من الجرائم المنصوص عليها في المجلة الجزائية ولو دققنا اكثر لوجدنا ان الوقائع المذكورة في موضوع الدعوى تتعلق قانونيا بالفصلين 96 و97 من المجلة سابقة الذكر.
وينص الفصل 96 المذكور على انه «يعاقب بالسجن مدّة عشرة أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصّل عليها أو المضرّة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكلّ مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة الى الجماعات العمومية المحلية مكلف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو ادارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للاضرار بالادارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو الحاق الضرر المشار اليهما".
أما الفصل 97 فإنّه ينصّ على أنّه «يعاقب بالسجن مدّة خمسة أعوام وبخطية تساوي قيمة الفائدة المتحصّل عليها كلّ شخص ممن ذكر بالفصل المتقدّم أخذ أو قبل أي ربح لنفسه أو لغيره بأي كيفية كانت في أمر تولّى إدارته أو الإشراف عليه أو حفظه كليا أو جزئيا أو أخذ أي فائدة كانت في أمر هو مكلّف بالاذن بالدفع فيه أو بتصفيته".
وقد انطلق قاضي التحقيق الخامس لدى ابتدائية تونس في استنطاق اغلب المطلوبين واصدر بطاقات ايداع بالسجن في حق بعضهم مثل الزواري والعبادلة الثلاثة والغرياني فيما تم ابقاء البعض الاخر بحالة سراح في انتظار استنطاق البقية.
لكن المؤكد ان جميع المطلوبين الموقوفين والمسرحين لا يزالون ابرياء الا اذا ثبتت ادانتهم امام المحكمة المختصة.
كما ان تتبعهم على اساس الفصلين 96 و97 المذكورين لا يعني عدم امكانية تتبعهم بتهم اجرى اذ يمكن استنطاقهم في قضايا جديدة منفصلة اذا تم اتهامهم بالقتل او السرقة او التدليس او التحيل او غيرها مثلهم في ذلك مثل كل مواطن يخضع الى سلطة القانون
0 commentaires:
Post a Comment