رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة لـ"التونسية": حوالي 30 جلسة استماع إلى مسؤولين وإداريين ورجال أعمال ووزراء.


كشفت لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة والتي يتولى رئاستها السيد "عبد الفتاح عمر" العديد من ملفات الفساد التي كانت تعانيها تونس طيلة فترة العهد البائد وكان أول ما كُشف عنه للرأي العام ما تم العثور عليه في قصر سيدي الظريف أو كما سماه المواطنون في "مغارة علي بابا"، وتهاطلت الملفات على اللجنة في بداية عملها ولكن يبدو أن أطوار قضية تجميد عمل اللجنة أربك عديد المواطنين الذين قل توافدهم على المقر حسب ما عاينته "التونسية" اليوم خلال زيارتها للمقر رغم صدور حكم المحكمة لصالح اللجنة لتواصل عملها، وهو ما أكده رئيس اللجنة السيد "عبد الفتاح عمر" خلال لقائه بـ"التونسية" حيث كشف بعض خفايا ما توصلت إليه اللجنة من خلال هذا الحوار...

•    لو تفسر لنا كيف أربكت القضية التي رفعت ضد اللجنة المواطنين؟

بالفعل القضية أربكت عديد المواطنين حيث تراجع الإقبال فبعد أن كانت اللجنة تتلقى في الأسبوع معدل 300 شكاية  لمسنا تخوف بعض المواطنين على مصير ملفاتهم ومنهم من جاء يستفسر عن حقيقة توقف عمل اللجنة... ! وأغتنم المناسبة لأؤكد أن الملفات في أياد أمينة وأن عمل اللجنة لم ولن يتوقف مطلقا إلا إذا أمرت الدولة بذلك. وقد  تألمت جدا بسبب التحركات غير الطبيعية والتي لم تكن في محلها... فالمواطن هو الذي كان ضحية لعملية الإرباك تلك.

•    كم يبلغ العدد الجملي للملفات المعروضة عليكم؟ وهل تمت إحالة بعضها على القضاء؟

يتجاوز عدد الملفات التي تلقتها اللجنة إلى غاية الآن 6000 ملف، وإلى غاية يوم 21 أفريل الجاري تم النظر في حوالي 1150 ملفا، 40% منها هي بعيدة عن مهامنا  وقد أعلمنا أصحابها بذلك وأرشدناهم إلى من يهمه الأمر، وأذكر على سبيل المثال ، ملف زوج أراد تطليق زوجته فأشرنا عليه بالتوجه إلى القضاء فأجابنا :"أنا أريد الطلاق من زوجتي بسبب فسادها وأنتم لجنة تقصي الفساد لذلك أتيت إليكم"... ! 
 هناك ملفات أخرى تمت إحالتها على بعض الإدارات لإمكانية وجود حل لها، ونحن نتابع سيرها. كما وجدنا أن بعض الملفات تتطلب المزيد من التحري.
الملفات التي تمت إحالتها للقضاء يبلغ عددها 60 ملفا كل ملف يضم  الوثائق والمؤيدات التي توصلت إليها اللجنة وهي ملفات خطيرة وهامة جدا.

•    هل من  لمحة عن بعض القضايا الهامة التي تمت إحالتها على القضاء؟

سأكشف لكم عن بعضها دون ذكر أسماء وذلك إلى حين أن يأخذ القضاء مجراه، ومن بينها تتبع  أحد أفراد عائلة الرئيس السابق بتهمة الاتجار في مجال الأسلحة داخل تونس كما كشفنا  تورط أحد أفراد عائلة "بن علي" في الاستيلاء على منقولات بدون وجه حق،وقدمنا للقضاء عريضة حول استغلال أرض على ملك الدولة في أحواز العاصمة من طرف عضوين في التجمع الدستوري الديمقراطي أحدهما رئيس شعبة وآخر كاتب عام، حيث استوليا على الأرض لصالحهما وقاما ببنائها.. من الملفات الأخرى التي قدمت للقضاء ما يتعلق بتورط مسؤول بوزارة المالية ثبت تورطه في القيام بعديد التجاوزات والعمليات المشبوهة. كذلك ملف متعلق بعمليات بنكية محل شبهة من ناحية الضمانات المقدمة  وعدم تناسب بين العقارات المرهونة وقيمة الرهن...والملفات عديدة وهامة جدا سيقول القضاء فيها كلمته الأخيرة وهناك قائمة طويلة متعلقة بعديد المسؤولين على المستويات الوطني والجهوي والمحلي قدمت للنيابة العمومية في عديد الجهات أذكر منها سيدي بوزيد وتونس وسوسة وجندوبة وأريانة وسليانة ونابل...



•    هل لديكم ملفات خاصة بالإعلام؟

نعم لدينا ملفات عديدة متعلقة بالإعلام التونسي والتقرير النهائي سيتم عرضه للعموم وسيتكفل القضاء بالتتبع، ومن  بينها الملف المتعلق بوكالة الاتصال الخارجي حيث ضبطنا  عديد التجاوزات والفساد المالي والإداري على غرار توزيع الإشهار والكتابات المأجورة..

•    هل تم التحقيق مع مسؤولي النظام السابق الذين تورطوا في التجاوزات وفي الفساد؟

حصص الاستماع التي تقوم بها اللجنة مقسمة إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول تقوم به اللجنة بكافة أعضائها وهي حصص تتعلق أساسا بوزراء ومسؤولين  سابقين وقد تم الاستماع إلى حوالي 30 مسؤولا سابقا من بينهم  مسؤولين سياسيين ومسؤولين إداريين ورجال أعمال، وتمت إحالة الملفات التي اكتملت وثبتت إدانة أصحابها إلى القضاء. أما النوع الثاني من حصص الاستماع فتتولاه اللجنة الفرعية الفنية التي تتفرع بدورها إلى ثلاث لجان متخصصة تقوم بعملها يوميا. وهناك نوع ثالث من الاستماع يقوم به المقرر صحبة الكاتب فقط. والغاية من هذا التقسيم تسريع عمل اللجنة.

•    ما حقيقة النجمة في السماء التي يمتلكها الرئيس المخلوع؟

بالفعل هذه حقيقة وليست خيالا، لقد وجدنا شهادة تثبت ملكية "بن علي" لنجمة في السماء تحصل عليها من قبل منظمة فلكية روسية قالت أنها اكتشفت نجمة في السماء وأعطتها اسم "زين العابدين بن علي"، ولم نجد وثيقة مالية تتعلق بهذه العملية ولكن المنطق يدفعنا للتساؤل لماذا أسندت هذه المنظمة الروسية تلك النجمة لـ"بن علي" وبأي مقابل.. ونحن لم نتصل بعد بالمنظمة للاستفسار عن هذا الموضوع نظرا لأهمية الملفات الأخرى المعروضة على اللجنة.

•    تساؤلات عديدة رافقت زيارتكم إلى قصر سيدي الظريف، لو توضح لنا أطوار تلك الزيارة؟

منطلق تلك الزيارة كان وثائق وجدناها في مكتب الرئيس بقصر قرطاج، وهي توحي بوجود وثائق أهم في مكان آخر، وبما أن "بن علي" كان يعمل أغلب الوقت في قصر سيدي الظريف ذهبنا للبحث  عما يمكن أن نجده من وثائق أخرى، فتحولت اللجنة بأعضائها صحبة عدلي تنفيذ والأمن الرئاسي والجيش الوطني وكنا جميعا في حدود 40 شخصا، ورغم اتصاف الحاضرين بالأمانة فكل شخص كان يراقب الآخر، وحملنا معنا آلة كاميرا خاصة باللجنة وكاميرا خاصة بالأمن الرئاسي إلى جانب ما حواه القصر من آلات تصوير. 
في القصر وجدنا خزانة مغلقة ظننا أن الوثائق التي نبحث عنها موجودة بداخلها،فطلبنا المساعدة من خبراء لفتحها لكن بدل الوثائق تدفقت حزم الأوراق النقدية والأحجار الكريمة !.. اتصلنا  بالبنك المركزي وبالتلفزة الوطنية دون التفكير في إقصاء أية وسيلة إعلامية أخرى ولكن هول الصدمة أربكنا، ظللنا في القصر ليلة كاملة لعد تلك الأموال وإيداعها بالبنك المركزي. أما بالنسبة إلى حصيلة الذهب فقد استوجب حصرها 4 أيام برفقة خبراء في المجوهرات حيث وضعنا كل قطعة في ظرف خاص بها مرفقة بكل خصائصها كالوزن والمكونات.ثم جمعت كل القطع الذهبية في أكياس ونقلت إلى البنك المركزي.

•    هذا بالنسبة إلى الزيارة الأولى، وما هي دوافع الزيارة الثانية؟

الزيارة الثانية كانت لمزيد التثبت من حقيقة تلك القطع إذ بانت كأنها أثرية خلال زيارتنا الأولى، وقد رافقنا في الزيارة الثانية خبراء في الآثار وأعوان من الجيش الوطني وتبين أن القطع التي وجدناها في زيارتنا الأولى لم تكن قطعا أثرية... في المقابل اكتشفنا خزانة تحتوي على 57 قطعة أثرية من بينها جرة تعود إلى العهد البونيقي.

•    ما حكاية الجناح الطبي الموجود بقصر سيدي الظريف؟

بلغنا اكتشاف جناح طبي في القصر، فتوجهنا إلى هناك صحبة أعوان من وزارتي الصحة والدفاع، فوجدنا بالفعل جناحا طبيا يضم أجهزة تبدو ثمينة جدا تستخدم في الجراحة وطب الأسنان وغيرها كما وجدنا خزانة ضخمة من الأدوية إلى جانب خزائن أخرى تحتوي على مواد شبه طبية، ولكن ما أثار انتباهي هو وجود قسم خاص بالتوليد لا نعلم إلى حد الآن لماذا..وقامت وزارة الدفاع بتسلم تلك الأجهزة والأدوية بحضور المؤتمن العدلي المسؤول عن القصر.

•    ما طبيعة الوثائق التي وجدتموها في القصر؟

الوثائق التي وجدناها تتعلق بكل المواضيع: تعليمات صريحة من "بن علي" شخصيا واتصالات ووثائق خوصصة...

•    هل لديكم علم بالوثائق التي عرضتها التلفزة الوطنية في ملف "دولة الفساد"؟

المعلومات التي بثتها التلفزة الوطنية لم تصدر عن اللجنة  وهي اجتهاد من صحفيي تلك المؤسسة ولكن أغلب تلك المعلومات نحن على دراية بها.

•    خلال زيارتكم للقصر هل يوجد في القصر ما يدل على أن هروب "بن علي" كان مبرمجا؟

عل العكس تماما، كل الأشياء كانت في أماكنها فملابسهم موجودة وكذلك مواد التجميل الخاصة بـ"ليلى" وهو ما يدل أنه لم يكن هناك إعداد مسبق للهروب، وقد علمنا أن عددا هاما من أفراد العائلة قضوا الليلة الفاصلة بين يومي 13 و14 جانفي في قصر سيدي الظريف وأن عددا آخر التحق بهم يوم هروب "بن علي" (14 جانفي) في حدود منتصف النهار.وأعتقد أن "بن علي" كان يعتزم العودة إلى تونس وأنه لم يكن يدرك حقيقة الاحتجاجات الشعبية وحجم الثورة في ذاك الوقت.

•    عرضت عليكم مظالم عديدة فما هي أكبر مظلمة ظلت راسخة في ذهنك؟

المظالم عديدة وأغلبها بمذاق قاس... ولكن ما بقي راسخا في ذهني وأثّر فيا إلى حد الصدمة هو ما عثرنا عليه في قصر سيدي الظريف وفي جناح بقصر قرطاج من وثائق مرعبة وأموال ومجوهرات منهوبة.
أميرة محمد

comment 0 commentaires:

 
© LIFE NEWS | Design by Blog template in collaboration with Concert Tickets, and Menopause symptoms
Powered by Blogger