مهزلة بـ«الخارجية» بسبب الإجراءات الأمنية وسوء التنظيم


لمن شاء المزيد من التفاصيل حول ما حدث بالامس فانه بالتاكيد سيجد نفسه أمام سلسلة من الاحداث التي بدأت في بهو الوزارة حيث وقع تفتيش الصحافيين وبدا واضحا للوهلة الاولى أن الاجواء لن تكون خالية من المشاحنات لا سيما أمام عمليات التفتيش الدقيق للصحافيين ولامتعتهم وآلاتهم ومعداتهم

وقد راى الكثيرون أن في قيام عناصر أمنية أمريكية بتفتيش التونسيين في بلادهم وعلى أرض وزارة الخارجية  أمر لا يمكن القبول به باعتباره اهانة لهم... وقد أمكن تجاوز هذه النقطة ولكن ليس من دون تشنجات بعد أن اقتنع عناصر الامن الامريكيين بعدم جدوى استخدام الكلاب في عمليات التفتيش الا ان ما حدث وقبل الصعود الى الطابق الخامس حيث القاعة المخصصة للقاء أثار من جديد حفيطة  الصحفيين الذين كانوا يصورون عمليات التفتيش الجارية وبينهم احد صحفي اذاعة" شمس اف ام "مهدي حواص هو ما لم يقبل به الامريكيون  وطلبوا منهم التوقف عن ذلك... اخيرا وليس اخرا وبعد الانتهاء من عمليات التفتيش كانت المفاجأة التالية حيث اتضح ان القاعة المخصصة للقاء لا يمكن ان تتسع باي حال من الاحوال لذلك العدد من الصحفيين وهو ما فرض مجددا اكثر من نقطة استفهام بعد ان طلب مسؤولون من الوزارة الصحافيين الجالسين في الجهة اليمنى تركها للصحفيين الامريكيين المرافقين للوزيرة الامريكية والذين يبلغ عددهم ثلاثون صحفيا وهنا ايضا بدأت التجاذبات والمشاحنات من جديد وتعالت الاصوات الاحتجاجية ورفض الصحفيون الامتثال للامر فيما  بدا البعض الاخر مطالبة  زملائهم بالمغادرة ومقاطعة اللقاء نتيجة تاخر كلينتون عن الحضور من ناحية ونتيجة لغياب ادنى معلومة ايضا... في الاثناء اقترح مسؤول في الخارجية أن يقع   تحويل اللقاء  الى  بهو الوزارة ليتسع لكل العدد ولكن مسؤولا من السفارة الامريكية رفض ذلك بشكل كلي... وفيما كان يجري الاعداد لنقل اللقاء الى قاعة محاذية تتسع للجميع نشبت مشادة كلامية تحولت الى اشتباكات بالايدي بين اثنين من الصحافيين الذين يبدو ان طول الانتظار افقدهم الصبر...  ثلاث ساعات اواكثر انتظر خلالها الصحفيون وصول الوزيرة سجلت اكثر من مشهد واكثر من قراءة بل واكثرمن اشاعة قبل أن تتعالى أصوات الكثيرين احتاجا مرة اخرى على ما حدث ويحول صحفيو القنوات التلفزية والاذاعية اهتمامهم الى تسجيل ونقل اراء الحضور حول ما يحدث فتواترت الانتقادات احتجاجا على الاستخفاف بالصحافيين, كل ذلك قبل ان تتسرب معلومات بأن الوزيرة لن تاتي بل وانها بصدد اجراء لقاء صحفي في مقر الوزارة الاولى مع رئيس الحكومة المؤقتة السيد الباجي قائد السبسي  بل وذهب البعض الى حد تحميل الزميل معز السناوي المسؤولية خاصة بعد أن راجت أنباء بأن بعض الصحافيين تلقوا مكالمات هاتفية للاتحاق باللقاء الصحفي الجاري بمقر الوزارة الاولى  فيما اعتبر اخرون ان قناة نسمة استحوذت على اللقاء بدون سبب وتحدث اخرون عن  محاولة منظمة لافشال اللقاء لاسباب خاصة وهي مجرد تاويلات ننقلها ولا يمكن باي حال من الاحوال تأكيدها أو نفيها... وفي نهاية المطاف وبعد طول انتظار وبعد اختفاء مسؤولو وزارة الخارجية وكذلك مسؤولو السفارة الامريكية بات واضحا ان الوزيرة لن تاتي...

هل منعت المظاهرات هيلاي كلينتون من القدوم ؟

عند الساعة الثانية عشرة وهو الموعد الذي كانت الوزارة حددته لاستقبال الصحافيين لم يكن هناك متظاهر واحد امام الباب الرئيسي للوزارة الا ان عددا من هؤلاء بدا في التجمع امام مقر الوزارة احتجاجا على زيارة هيلاري كلينتون ولم يكن العدد في اكثر الحالات يجمع اكثر من خمسين متظاهرا بحيث ا نه  لا يمكن تبرير الغاء لقاء كلينتون بالصحافيين بهذا الامر فليست هذه المرة الاولى التي تواجه هيلاري كلينتون اوحتى غيرها من وزراء الخارجية الامريكية الذين سبقوها مثل هذه المظاهرات الاحتجاجية وبالامس القريب واجهت كلينتون احتجاجات في الشارع المصري ولم تلغ لقاءها بالصحافيين بل انها حاولت امتصاص غضبهم وتحدثت اليهم بلغة عربية عندما وصفت "مصر بانها ام الدنيا" وقبل ذلك فان السيناتور ليبرمان وماكين  اعتبرا خلال زيارتهما الى تونس قبل اسابيع بان المظاهرات الشعبية الاحتجاجية في القصبة  ضد زيارتهما طريقة للتعبير عن الراي ومشهد صحي  في تونس على طريق الديموقراطية... بمعنى ان تعليق اللقاء بسبب المظاهرة لا يمكن الا ان يكون سببا واهيا ولا يمكن الا لغافل القبول به.

ولكن في المقابل يبقى العنصر التنظيمي والعنصر الامني الذي يبدوانه جعل الامريكيين  غير راضيين عن المشهد، والواقع ان التنظيم يثير اكثر من نقطة استفهام اذ كيف غاب عن مسؤولي الوزارة ان القاعة المعدة لاحتضان اللقاء الصحفي لا يمكن ان تستقبل اكثر من نصف العدد وكان واضحا منذ البداية ان الصحافيين المرافقين للضيفة الامريكية لن يجدوا لهم مكانا في القاعة وهنا نتساءل كيف يمكن ان تغيب مثل هذه النقطة  التنظيمية البسيطة عن اذهان المنظمين وكيف غاب التنسيق في هذه المسألة؟

بقي الاحتمال التالي المتعلق بالاستعدادات الامنية داخل الوزارة والتي من المرجح ان الامريكيين اعتبروا انها غير مرضية وغير مكتملة لا سيما امام حالة التشنج وفقدان اعصاب الصحافيين في اكثر من مناسبة بسبب التاخير الحاصل الذي اعتبر ان فيه  اهانة وعدم احترام للحضور فيما اعتبر عناصر الامن الامريكي  ان ما حدث يمكن ان  يتحول الى استهداف للوزيرة او ربما يدفع الى وقوع ما لا يمكن توقعه وهي  بالتاكيد احتمالات تبقى واردة بعد كل التجاذبات والمشاحنات  التي حصلت طوال ثلاث ساعات من الانتظار...

الواضح ان المسلسل لم يبدأ في وزارة الخارجية بل بدأ منذ أول محطة في برنامج الوزيرة الامريكية صباح امس الى مقر الهلال الاحمر حيث كانت الاجراءات الامنية وغياب التنسيق وراء قرار انسحاب عديد الصحافيين ومقاطعتهم  لاول نشاط لكلينتون خلال زيارتها الى تونس التي انتهت مساء الامس وهي اول زيارة للمسؤولة الامريكية الى بلدنا بعد شهرين على الثورة التي اطاحت  بنظام بن علي وقد التقت كلينتون خلال الزيارة الرئيس المؤقت السيد فؤاد المبزع كما التقت رئيس الوزراء وعددا من اعضاء الحكومة الانتقالية وكان من المنتظر ان تلتقي عددا من شباب الثورة وممثلين عن المجتمع المدني...

ما حدث بالامس شكل مهزلة بكل المعايير لم تخلو من التهريج ومن الغرابة ايضا في الاحداث وقد كان لسوء التنظيم والتوتر في أعصاب الكثيرين دوره في  تاجيج المشهد... فهل من مجال بعد هذا لتوضيح او كلمة اعتذار عن الاهانة التي تحولت الى اهانات ؟


comment 0 commentaires:

 
© LIFE NEWS | Design by Blog template in collaboration with Concert Tickets, and Menopause symptoms
Powered by Blogger